كيف يقوم طبيب المخ والاعصاب بعلاج التهاب الاعصاب؟
يعتبر علاج التهاب الأعصاب من التخصصات الدقيقة في طب الأعصاب، ويقوم الطبيب باتباع نهج منظم يشمل التشخيص الدقيق ثم تحديد خطة علاجية شاملة.
إليك كيف يقوم طبيب المخ والأعصاب بعلاج التهاب الأعصاب، خطوة بخطوة:
المرحلة الأولى: التشخيص الدقيق (وهي أساس العلاج)
لا يمكن علاج التهاب الأعصاب بشكل صحيح دون معرفة سببه ونوعه. لذلك تبدأ الرحلة بـ:
أخذ التاريخ المرضي المفصل: يسأل الطبيب عن:
طبيعة الألم: (حارق، لاسع، خدر، كهرباء).
موقع الأعراض: (في الأطراف، منتشر، في جانب واحد من الجسم).
متى بدأت: وما إذا كانت تزداد سوءاً.
الأمراض الأخرى: مثل السكري، نقص الفيتامينات، أمراض المناعة الذاتية.
تاريخ الأدوية: بعض الأدوية قد تسبب التهاب الأعصاب.
العادات الشخصية: مثل تناول الكحول.
الفحص العصبي: للتحقق من:
قوة العضلات.
الإحساس: اللمس، الألم، الحرارة، الاهتزاز.
المنعكسات العصبية.
التوازن والمشي.
الفحوصات التشخيصية:
تخطيط العضل والعصب (EMG/NCV): وهذا هو الفحص الأهم. يقيس سرعة توصيل العصب للإشارات الكهربائية ومدى كفاءة عمل العضلات. يساعد في تحديد نوع الضرر (في المحور العصبي أم في الغشاء الميلاني) ومدى شدته.
تحاليل الدم: للكشف عن نقص الفيتامينات (خاصة B1, B6, B12, E)، خلل في وظائف الغدة الدرقية، أمراض المناعة الذاتية (مثل الذئبة الحمراء)، أو العدوى.
بذل النخاع الشوكي: في بعض الحالات (مثل متلازمة جيلان باريه) لتحليل السائل النخاعي.
خزعة العصب: (نادرة) تؤخذ عينة صغيرة من العصب لفحصها تحت المجهر في الحالات الصعبة.
المرحلة الثانية: خطة العلاج الشاملة
بناءً على التشخيص، يضع الطبيب خطة علاجية تركز على ثلاثة محاور رئيسية:
المحور الأول: علاج السبب الأساسي (إن وجد)
هذا هو الجزء الأكثر أهمية لمنع تدهور الحالة.
إذا كان السبب هو مرض السكري: يكون التركيز على التحكم الدقيق في مستوى السكر في الدم، وهو أهم خطوة في علاج التهاب الأعصاب السكري.
إذا كان هناك نقص في الفيتامينات: يتم تعويض النقص عبر حقن أو أقراص الفيتامينات (مثل B12).
إذا كان السبب مرض مناعي: (مثل الذئبة، التهاب الأوعية الدموية) يتم استخدام أدوية كابتة للمناعة مثل الكورتيكوستيرويدات (البريدنيزولون).
إذا كان السبب هو الضغط على العصب: (مثل متلازمة النفق الرسغي) قد يوصي الطبيب بالعلاج الطبيعي، أو الحقن الموضعي، أو الجراحة في بعض الأحيان.
إذا كان السبب الكحول: التوقف الفوري عن شرب الكحول وتحسين التغذية.
المحور الثاني: علاج الأعراض (خاصة الألم)
ألم التهاب الأعصاب غالباً ما يكون "ألماً عصبياً" لا يستجيب جيداً للمسكنات العادية (مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين). لذلك يستخدم الطبيب أدوية أخرى تُعرف بـ "مسكنات الألم العصبي"، وأهمها:
مضادات الاكتئاب:
مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (TCAs): مثل أميتريبتيلين (Amitriptyline) ونورتريبتيلين (Nortriptyline). وهي غالباً الخيار الأول رغم أنها في الأساس لعلاج الاكتئاب، ولكن بجرعات أقل فهي فعالة جداً في تسكين الألم العصبي.
مضادات الصرع (النوبات):
مثل جابابنتين (Gabapentin) وبريجابالين (Pregabalin). هذه الأدوية تهدئ من النشاط الكهربائي غير الطبيعي في الأعصاب، مما يقلل الإحساس بالألم.
العلاجات الموضعية:
كريمات أو لصقات: تحتوي على مواد مثل ليدوكائين (Lidocaine) أو كابسيسين (Capsaicin)، والتي يمكن أن تخدر المنطقة الموضعية وتقلل الألم.
مسكنات الألم القوية (في الحالات الشديدة):
قد يتم استخدام Tramadol أو في بعض الحالات النادرة جداً والمستعصية، يتم اللجوء للمواد الأفيونية بحذر شديد بسبب خطر الإدمان.
المحور الثالث: العلاج التأهيلي والداعم
العلاج الطبيعي (الفيزيائي): يساعد على:
الحفاظ على قوة العضلات ومنع ضمورها.
تحسين التوازن والتنسيق الحركي.
تعليم المريض طرقاً للتعايش مع الضعف العضلي.
العلاج الوظيفي: يساعد المريض على التأقلم مع الأنشطة اليومية (مثل ارتداء الملابس، الأكل) رغم وجود الألم أو الضعف.
الدعم النفسي: الألم المزمن والتنميل يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب والقلق. الدعم النفسي جزء مهم من خطة العلاج الشاملة.
ملخص نهج طبيب المخ والأعصاب:
تشخيص دقيق للسبب ونوع الالتهاب.
علاج السبب الجذري إن أمكن (مثل السكري أو نقص الفيتامينات).
السيطرة على الأعراض باستخدام أدوية الألم العصبي المخصصة.
إعادة التأهيل للحفاظ على الوظيفة وجودة الحياة.
المتابعة المستمرة لتعديل الخطة العلاجية حسب تطور الحالة.
من المهم جداً أن يتابع المريض مع طبيبه بدقة ولا يتوقف عن الأدوية أو يعدل الجرعات بنفسه، حيث أن علاج التهاب الأعصاب يحتاج إلى صبر وتعديلات متتالية للوصول إلى أفضل نتيجة.
Comments
Post a Comment