كيف يتم إزالة الورم الخبيث من المخ؟
إزالة الورم الخبيث من المخ (الجراحة الاستئصالية للورم الدماغي) هي عملية معقدة ودقيقة للغاية تتطلب تخطيطاً متقناً وتقنيات متطورة. إليك شرح مفصل لكيفية إجرائها:
الهدف من الجراحة
الهدف الأساسي هو إزالة أكبر قدر ممكن من الورم مع الحفاظ على الأنسجة الدماغية السليمة والوظائف العصبية المحيطة به (كالحركة, الكلام, البصر, إلخ). كلما تم استئصال الورم بشكل كامل, تحسنت فرص نجاح العلاجات التكميلية (مثل العلاج الإشعاعي والكيميائي) وقل احتمال عودة الورم.
الخطوات الرئيسية للعملية
1. التخطيط والتحضير (ما قبل الجراحة)
التصوير المتقدم: يتم استخدام صور الرنين المغناطيسي (MRI) عالية الدقة، وأحياناً التصوير المقطعي المحوسب (CT) أو التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET)، لتحديد موقع الورم بدقة وحجمه وعلاقته بالهياكل الدماغية المهمة.
التخطيط الملاحي (الملاحة العصبية): تُحمل هذه الصور إلى نظام كمبيوتر متطور في غرفة العمليات يعمل كـ "نظام ملاحة" أو "GPS للدماغ". يساعد هذا النظام الجراح على تحديد موقع الورم ووضع حدود الدخول بأقصى درجة من الدقة.
تخطيط الدماغ الوظيفي (fMRI): في بعض الأحيان، يُجرى رنين مغناطيسي وظيفي لتحديد المناطق المسؤولة عن الوظائف الحساسة (مثل مركز الكلام أو الحركة) بالنسبة للورم، مما يساعد الجراح على تجنبها.
التخدير: يتم التخدير العام الكامل للمريض.
2. فتح الجمجمة (Craniotomy)
حلاقة الشعر: يتم حلاقة جزء فقط من الشعر في منطقة العملية وليس كل الرأس.
شق الجلد: يقوم الجراح بعمل شق في فروة الرأس وفقاً لخطة مسبقة.
رفع flap الجلد والعضلات: يتم رفع رف flap من الجلد والعضلات للكشف عن عظم الجمجمة.
فتح عظم الجمجمة: باستخدام منشار خاص، يقوم الجراح بقطع قطعة من عظم الجمجمة ( تسمى "صفيحة عظمية"). يتم إزالة هذه القطعة بعناية وحفظها بشكل معقم لإعادتها إلى مكانها في نهاية الجراحة.
فتح الأم الجافية (Dura Mater): الأم الجافية هي الغشاء القوي الذي يغطي الدماغ. يقوم الجراح بفتحها بعناية للكشف عن سطح الدماغ.
3. استئصال الورم (Resection)
هذه هي المرحلة الأكثر دقة في العملية. يستخدم الجراح تقنيات متعددة للتمييز بين الورم والأنسجة السليمة واستئصاله:
المجهر الجراحي: يوفر المجهر تكبيراً عالياً وإضاءة قوية، مما يسمح للجراح برؤية أدق التفاصيل.
الملاحة العصبية: يستمر استخدام نظام الملاحة أثناء العملية لتوجيه الجراح داخل الدماغ.
الاستئصال أثناء اليقظة (Awake Craniotomy): لأورام المناطق الوظيفية الحساسة (مثل مناطق الكلام أو الحركة)، قد يوقظ الطبيب المخدر المريض أثناء جزء من العملية. يقوم فريق من أطباء الأعصاب بتحدث مع المريض وطلب منه أداء مهام (كالتحدث أو تحريك أصابعه) بينما يقوم الجراح بتحفيز مناطق مختلفة من الدماغ. هذا يساعد على رسم "خريطة" للوظائف الحيوية وتجنب إتلافها أثناء استئصال الورم.
المراقبة العصبية الفسيولوجية: يتم مراقبة الإشارات الكهربائية للدماغ والأعصاب طوال الوقت للكشف عن أي تغييرات قد تشير إلى إجهاد أو تلف في الأنسجة السليمة.
التقنيات المساعدة: قد يستخدم الجراح:
مسبار فوق صوتي: لتفتيت الورم وشفطه (Aspirator).
الليزر: لقطع أو تبخير أنسجة الورم.
تقنية الـ 5-ALA (حمض الأمينوليفيولينيك): يعطى المريض دواءً خاصاً قبل الجراحة يجعل خلايا الورم الخبيثة تتوهج بلون وردي تحت ضوء أزرق خاص، مما يساعد الجراح على تمييزها وإزالتها بدقة أكبر.
4. إغلاق الجمجمة
بعد التأكد من استئصال أكبر قدر ممكن من الورم وإيقاف أي نزيف، يتم إغلاق الأم الجافية بالخياطة.
تُعاد قطعة عظم الجمجمة إلى مكانها وتُثبت بواسطة صفائح وبراغي صغيرة جداً (عادة من التيتانيوم).
يتم إغلاق الجلد بالخياطة أو الدبابيس الجراحية.
ما بعد الجراحة
العناية المركزة: يمكث المريض يومًا أو أكثر في وحدة العناية المركزة للمراقبة الدقيقة.
المتابعة: يتم إجراء فحص بالرنين المغناطيسي خلال 24-72 ساعة بعد الجراحة لتقييم مقدار الورم الذي تم استئصاله.
التعافي: تختلف مدة التعافي حسب حجم وموقع الورم. قد يحتاج بعض المرضى إلى علاج طبيعي أو مهني أو نطق لإعادة تأهيل الوظائف المتأثرة.
العلاجات التكميلية: نظراً لأن الأورام الخبيثة يمكن أن تترك خلايا مجهرية، فإن معظم المرضى يحتاجون إلى علاج إشعاعي و/أو كيميائي بعد الجراحة لاستهداف أي خلايا متبقية.
المخاطر المحتملة
مثل أي جراحة دماغية، هناك مخاطر، though يتم بذل كل جهد لتقليلها:
نزيف أو تجلط دموي.
عدوى.
نوبات صرع.
تورم في الدماغ.
تلف في أنسجة الدماغ السليمة مما قد يؤدي إلى ضعف وظيفي (مثل ضعف في الحركة، أو مشاكل في الكلام، أو البصر، أو الذاكرة) قد يكون مؤقتاً أو دائماً.
السكتة الدماغية.
خلاصة: جراحة استئصال الورم الدماغي الخبيث هي عملية فريق متكامل يضم جراح أعصاب، طبيب تخدير، أخصائي أعصاب، وفريق تمريض متخصص، باستخدام أحدث التقنيات لتحقيق أفضل نتيجة ممكنة للمريض مع تقليل المخاطر إلى أدنى حد.
Comments
Post a Comment